من طرف Admin الإثنين سبتمبر 01, 2008 7:36 pm
أكبر توسعة للحرمين تثير خلافا بين العلماء في السعودية
شهدت المملكة العربية السعودية في عهد الملك عبد الله بن عبد العزيز انطلاق أكبر مشروع توسعة للحرم المكي، بعد التوسعة الكبيرة التي تمت في عهد الملك فهد، خاصة مع تكاثر جموع المسلمين الغفيرة التي ترد الحرم للحج أو العمرة، وما يُحدثه الزحام وضيق أماكن بعض الشعائر من حوادث أودت بحياة المئات من الناس.
علماء من العالم الإسلامي زكوا المشروع وانتقدوا موقف هيئة كبار العلماء
شركة بن لادن تشرف على المشروع بتكلفة 18 مليار دولار
العلماء حاولوا استدراك هذه الحوادث عن طريق تقديم فتاوى تعتمد التيسير منهجا حفاظا على أرواح المسلمين، ثم جاء القرار الحكومي السعودي باعتماد توسعة جديدة شملت من بين ما شملته المسعى الذي أحدثت توسعته الجديدة خلافا كبيرا بين العلماء داخل السعودية.
"الشروق اليومي" تجولت في الحرم المكي ونقلت بعض معالم هذه التوسعة الجديدة، وما تعلق بها من الجدال القائم بين المرجعيات الدينية داخل المملكة العربية السعودية وخارجها.
تُعتبر هذه التوسعة الجديدة ثالث توسعة يشهدها الحرم المكي منذ دخول الحرمين الشريفين تحت حكم الدولة السعودية: فالتوسعة الأولى تمت في عهد الملك سعود بن عبد العزيز عام 1955م حيث تم في المرحلة الأولى إزالة المنشآت السكنية والتجارية المتواجدة قرب المسعى الذي بُني على طابقين، وكذا إنشاء 16 بابا للمسعى وإقامة مجرى خاص لتصريف مياه السيول. وفي المرحلة الثانية التي شرع في تنفيذها عام 1959م، تم الشروع في وضع أساس الرواق الجنوبي وتغطية الجدران بالرخام والسقوف بالحجر المنقوش وإقامة ممر دائري فوق الصفا. وفي المرحلة الثالثة التي بدأت في عام 1961م تم بناء القسم الثاني من الرواق الجنوبي الغربي وبناء الرواق الشمالي وإكمال بناء الطابق السفلي وزيادة أبواب الحرم إلى 64 بابا وتم ترميم الكعبة المشرفة وتوسعة المطاف وتجديد مقام إبراهيم عليه الصلاة والسلام، وبهذا صار الحرم يتسع لحوالي 400 ألف مصل.
وفي عهد الملك فهد بن عبد العزيز، بدأت أشغال التوسعة الثانية للحرم في شهر سبتمبر 1988م، حيث تم توسعة الحرم المكي وإضافة جزء جديد إلى مبنى المسجد الحرام وتبليط الحرم بالرخام الأبيض لتصل طاقة استيعابه إلى 773 ألف مصل، وقد يصل العدد في أوقات الذروة إلى أكثر من مليون مصل. وتم في نفس التوسعة تشييد مئذنتين جديدتين بارتفاع يبلغ 89مترا وتزويد الحرم بالسلالم الميكانيكية واستحداث نظام جديد للتبريد وإنشاء نفق للخدمات طوله 450متر ويتحكم به آليا.
أكثر من 18 مليار دولار لتوسعة الحرمين الشريفين
التوسعة الجديدة لم تشمل الحرم المكي فقط وإنما شملت الحرم المدني أيضا، وقد بلغت قيمة توسعة الحرمين أكثر من 18 مليار دولار، لتسهيل أداء مناسك الحج والعمرة على المسلمين الوافدين من مختلف ربوع العالم.
وتشمل التوسعة التي تبناها الملك عبد الله إنشاء ساحات داخل الحرم تصل مساحتها إلى 380 متر مربع، واستحداث أنفاق للمشاة وتشييد محطات خدمية تبلغ مساحتها أكثر من 300 ألف متر مربع، وهو ما يعني أن المسجد سيتسع لحدود مليوني مصل في الأوقات العادية، علما أن المناطق التي شملتها التوسعة هي شارع غزة والقرارة والشامية وحارة الباب.
حجم التوسعة الكبير أدى إلى هدم كثير من الفنادق والبنايات والمحلات، ودفع الجهات الحكومية إلى تقديم تعويضات للمُلاَّك، وهي تعويضات قُدّرت بأكثر من مليار ونصف مليار دولار، في حين قفز حجم الاستثمارات والمشاريع الكبرى في منطقة مكة المكرمة إلى أكثر من 133 مليار دولار، بسبب الحراك الاقتصادي الكبير للمنطقة وما يأمله المستثمرون في المشاريع الكبرى بعد استكمال أشغال التوسعة الجديدة.
شركة "بن لادن" تشرف على المشروع
اسم "بن لادن" لا يرتبط بالإرهاب وتنظيم "القاعدة" فقط كما يتبادر إلى الذهن، بل هو اسم مجموعة شركات سعودية ضخمة تديرها عائلة "ابن لادن" وساهمت في نهضة المملكة العربية السعودية منذ عشرات السنين والتكفل بمشاريعها التنموية، خاصة في مجال المقاولات والبناء.
وتعتبر مجموعة شركات ابن لادن من أكبر شركات المقاولات في العالم العربي، حيث تُقدّر إيراداتها بحوالي 5 ملايير دولار سنويا. وتتنوع أنشطتها ما بين التصميم المعماري، وكذا الهندسة المدنية والبحرية والميكانيكية والكهربائية، والمقاولات العامة وإدارة المشروعات، وعمليات تطوير وصيانة العقارات وغيرها. وقد تأسست في عام 1950 على يد محمد بن لادن، ويرأسها حاليا بكر بن لادن، وهو الأخ غير الشقيق لأسامة بن لادن زعيم تنظيم "القاعدة". وكانت مجموعة بن لادن قد عرضت قبل أشهر قليلة، حسب صحف بريطانية، شراء فريق "نيوكاستل يونايتد" الإنجليزي بمبلغ 300 مليون جنيه إسترليني لكن النادي الإنجليزي رفض العرض السعودي، في حين نفى كل من الطرفين السعودي والإنجليزي صحة المعلومة واعتبراها مجرد إشاعة.
هيئة كبار العلماء تعترض على توسعة المسعى الجديدة
توسعة الحرم المكي الجديدة شملت توسعة المسعى بين جبلي الصفا والمرة، وهذا ما فجر جدلا فقهيا حادا بين العلماء حول جواز هذا الفعل من الناحية الشرعية.
وكانت هيئة كبار العلماء السعودية أبرز معارض لهذه التوسعة التي شملت المسعى، حيث أصدرت بيانا في شهر مارس من عام 2006 أكدت فيه ـ بالأكثرية ـ أن "العمارة الحالية للمسعى شاملة لجميع أرضه، ومن ثم فإنه لا يجوز توسعتها، ويمكن عند الحاجة حل المشكلة رأسيا، بإضافة بناء فوق أرض المسعى"، وفتح هذا بابا كبيرا للشك في حكم العمرة داخل المسعى الجديد، إلى درجة أدت بعض العلماء السعوديين إلى الإفتاء ببطلانها وعدم جوازها، وهو ما أحدث ارتباكا في صفوف المعتمرين جعلت بعضهم يتوقف عن أداء مناسك العمرة.
وقد سئل الشيخ صالح بن محمد اللحيدان، وهو عضو في هيئة كبار العلماء بالسعودية، عن حكم السعي في هذه التوسعة الجديدة فأكد قائلا إنه ليس ممن "وافق على المسعى الجديد ولا أرضى بتلك التوسعة، أكثر أعضاء هيئة كبار العلماء لم يرضوا بذلك ولا أعرف أن أحدا وقّع سوى اثنين من الأعضاء، والذي سألني لا أرى له السعي في المسعى الجديد"، ونفس الموقف تبناه الشيخ صالح الفوزان، وهو عضو في هيئة كبار العلماء أيضا، في بيان له نشره على موقعه الخاص.
